Minggu, 03 Maret 2013

الأضداد

مقدمة
الأضداد هي نوع من الاشتراك البوليسيمي أو الهومونيمي ولكن تتميز عنهما بأنّ معنى كل لفظ من الأضداد متضادان بينما معاني كل لفظ من المشترك مختلفان. الأضداد ظاهرة من الظواهر اللغوية التي أسهمت في نموّ الثروة اللفظية والاتساع في التعبير عند العرب. وقد عرّفها أبو الطيب اللغوي بقوله: «والأضداد جمع ضد، وضد كل شيء ما نافاه، وليس كل ما خالف الشيء ضداً له، ألا ترى أن القوة والجهل مختلفان وليسا ضدين، وإنما ضد القوة الضعف، وضد الجهل العلم». وعرّفها ابن فارس الرازي بقوله: «المتضادان: الشيئان لا يجوز اجتماعهما في وقت واحد كالليل والنهار». ويلحظ في التضاد ضرب من المشترك اللفظي الذي يتجلّى في احتواء اللفظة الواحدة على معنيين مشتركين في النطق ولكنهما متباينان في الدلالة، فإذا ما وصل هذا التباين حدَّ التناقض والتعاكس عُدَّت اللفظة في الأضداد. واللغويون الذين سلكوا التضاد في جملة المشترك اللفظي نصّوا على أنه نوع أخصّ منه، من هؤلاء: سيبويه، وقُطرُب، والسجستاني، والمبرد، وابن الأنباري، وغيرهم.
هذه المقالة إلى شرح عن تعريف الأضداد وأنواعه، موقف الباحثين من الأضداد، الأضداد بين المثبتين والمنكرين، الأضداد بين المضيقين والموسعين، أسباب نشأة الأضداد.
1.   أسئلة البحث
تقدم الباحثات أسئلة البحث في هذه المقالة التي تتم صياغتها على النحو التالي:
1-             ما تعريف الأضداد وأنواعه ؟
2-             ما أسباب نشأة الأضداد؟
3-             كيف موقف الباحثين من الأضداد؟
4-           كيف الأضداد بين المثبتين والمنكرين؟

2.   أهداف البحث
أما الهدف الذي أرادته الباحثة الحصول عليه فيما يلي:
1-             لمعرفة تعريف الأضداد وأنواعه.
2-              لمعرفة نشأة الأضداد.
3-             لمعرفة موقف الباحثين من الأضداد.
4-             لمعرفة الأضداد بين المثبتين والمنكرين.

البحث
1.تعريف الأضداد
الأضداد هو جمع من ضد. الأضداد أو التضاد هو أن يطلق اللفظ على المعنى وضده. فهو نوع من المشترك اللفظ. فكل تضاد المشترك اللفظي وليس العكس.[1] وضده في اللغة " النظير والكفء، والجمع أضداد. وقال أبو عمرو: الضد مثل الشيء خلافة، وضاده إذا بيانه مخالفة، والمتضادان اللذان لايجتمعان كالليل والنهار.[2]
والأضداد هو: " نوع من العلاقة بين المعاني، بل وربما كانت أقرب إلى الذهن من أية علاقة أخرى، فمجرد ذكر معنى من المعاني، يدعو ضد هذا المعنى إلى الذهن،
ولاسيما بين الألوان، فذكر البياض يستحضر في الذهن السواد، فعلاقة الضدية من أوضح الأشياء في تداعى المعاني.[3]
ويتبين من ذلك، أن كلمة الضد كلمة استخدمت في اللغة مشتركا لفظيا، إذ دلت على معان متعددة، وهي كذلك سبه ضد، لأنها استخدمت في الدلالة على الشيء ومخالفه ومباينه.[4]
قال السيوطي إن الأضداد هي نوع من المشترك.[5] قال أصل الأصول مفهوما اللفظ المشترك إما أن يتبيا، بأن لايمكن اجتماعهما في الصدق على الشيء واحد، كالحيض والطهر، فإنهما مدلولا القرء، ولا يجوز اجتماعهما لواحد في زمان واحد. أو يتواصلا، فإما أن يكون لأحدهما جزأ من الآخر كالممكن العام والخاص، أو صفة كالأسود لذي السواد فيمن سمي به.
لا تعني بلأضداد ما يعنيه علماء اللغة المحدثون من وجود لفظين مختلفان نطقا ويتضادان معنى، كالقصير في مقابل الطويل والجميل في مقابل القبيح، وإنما يعني بها مفهومها القديم وهو اللفظ المستعمل في معنين متضادين.[6] ويقصد بالأضداد في اصطلاح العلماء العربية القدماء، هي الكلمات التى تؤدي دلالتين متضادين. ويقصد بلأضداد في اصطلاح العلماء العربية القدماء، هي الكلمة التي تؤدي دلالتين متضادين بلفظ واحد. ويقول أبن الأنبري في مقدمة كتابه عن الأضداد: " هذا كتاب ذكر الحروف( يقصد الكلمات) التي توقعها العرب على المعاني المتضادة، فيكون الحرف فيها مؤديا عن معنيين مختلفين". ويقول ابن فرس: " من سنن العرب في الأسماء أن يسموا المتضادين باسم واحد، سموا الحون للأسود والجون للأبيض.[7]

2- الدراسة عن كلمات الأضداد
كما قال العلماء اللغة القدماء، أن الأضداد هو: " الكلمات التي تؤدي دلالتين متضادين بلفظ واحد". ليس ما تعينيه علماء اللغة المحدثين من وجود لفظين يختلفين نطقا ويتضادين معنى كالقصير في مقابل الطويل والجميل في مقابل القبيح. وإنما نعني بها مفهومها القديم وهو اللفظ المستعمل في معنين متضادين.
قال الثعالبي في أمثلة تسمية المتضادين باسم واحد:
الجون: للأبيض والأسود
القروء: للأطهار والحيض
الصريم: لليل والصبح
الخيلولة: للشك واليقين. قال أبو ذؤيب:
فبقيت بعدهم بعيش ناصب0وإخال أني لا حق مستتبع
أي: وأتيقن
الند: المثل والضد
الزوج: الذكر والأنثى
القانع: السائل والذي لا يسئل
الناهل: العطشان والريان.[8]
وقال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصار: الناهل في الكلام العرب: العطشان، والناهل: الذي قد شرب حتى روي، والسدفة في لغة تميم: الظلمة، والسدفة في لغة قيس: الضوء. لمقت الشيء بمعنى كتبته في لغة بني عقيل، وبمعنى محوته في لغة سائر قيس. وشريت: بعت واشتريت. والهاجد: المصلى في الليل، والهاجد النائم. وقال الأصمعي: المشيح: الجاد، والمشيح: الحذر. واجلل: الشيء الصغير، والجلل: العظيم. والصارخ: المستغيث، والصارخ: المغيث. والإهماد: السرعة في السير، والإهماد: الإقامة.[9]
ومن أمثلة الأضداد، الأز: القوة أو ألضعيف، والبسل: الحلال والحرام، وبلق الباب: فتحه كله أو أغلقه بسرعة، ثلَّ: دكَّ أو رفع، الحميم: الملء البريد أو الحار، المولى: العبد أو السيد، الذَّوحُ: الجمع أو التفريق، الرَّسُّ: الإصلاح أو الفساد، الرّاغيبُ: الشجاع أو الجبان، الرّهوة: ما ارتفع من الأرض أو ما انحفض، الجون: الأبيض أو الأسود.[10]
يذكر ابن الأنبري أن ((عسعس الليل)) معناه أكبر أو أدبر ثم يسوق بعض الشواهد الشعرية للبرهنة على ما يقول، وليس من بين هذه الشواهد ما هو منصوب لصاحبة إلا بيتان أحدهما لا مرئ القيس بأنه موضوع مسنوع، أما بيت علقمة فمعنى ((عسعس)) فيه هو أدبر، إذقال:
حتى إذا الصبح لها تنفسا. وأنجاب عنها ليلها وعسعسا
فإذا رجعنا إلى القرآن الكريم وجدنا الكلمة قد وردت فيه مرة واحدة ومعناها الآية هو (أدبر) فقط، قال تعالى: (والليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس). ويزعم ابن الأنبري أن (( الند)) معناه المثل وضه، وقد حاول أن يفسر (( أنداد)) في القرآن الكريم على المعنيين، وفي هذا التكلف ما فيه، ذلك لأن الآيات القرآنية لاتحمل إلا معنى واحدا، قال تعالى: (( فلا تجعلو الله أنداد وأنتم تعلمون)).
وقال أبو عبيد: التَّلاَعُ: مجازي الماء من أعالي الوادي، ما انهبط من الأرض. واختلفت الرجل في موعدة: قلت ولم أفعل، وأخلفته: وافقت منه خلفا.[11] والصَّرِيْمُ: الصبح، والصريم الليل. وعطاء بثر: كثير، والبثر: القليل أيضا. والظن: يقين والشك. والرهوة: الإرتفاع والرهوة: الإنحدار. ووراء تكون بمعنى خلف وقدام، وكذالك دون فيهما. وفرع الرجل في الجبل: صعد، وفرع: انحدر. ورتوت الشيء: شددته وأرخيته. وقال الأحمر: اشكيت الرجل: أتيت إليه ما يشكوني فيه، واشكيته إذا رجعت له من شكايته إلى ما يحب. وسواء الشيء: غيره، وسواءه نفسه ووسطه. وأطلبت الرجل: أعطيته ما طلب، وأطلبته ألجأته إلى أن يطلب. وأسررت الشيء: أخفيته، وأعلنته. فسر قوله تعالى: (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب): أي أظهروها. والخشيب: السيف الذي لم يحكم عمله، والخشيب: وتهيبت الشيء، وتهيبني سواء. والأقراء: الحيض، والأقراء: الأطهار. والحناذيذُ: الخضيان والفجعلة. وأخفيت الشيء: أظهرته وكتمته. وشمت السيف: أغمدده وسللته.[12]
ومن الأضداد كلمة " باع " وهي تدل على البيع والشراء. بل إن كلمة" ضد" هي من الأضداد ففي المثل: " لاضد له" لا تفيد المخالف وإنما تفيد المثل.[13]
وفي ديوان الأدب للفاربي: المغلب: المغلوب كثيرا، والمغلب: المرمي بالغلبة، وهذا الحرف من الأضداد. وناء:نهض في ثقل، وناء سقط، من الأضداد. و ولى إذا أقبل، و ولى إذا أدبر، من الأضداد. والبين: القطع، والبين: الوصل، من الأضداد. وأكرى: زاد، وأكرى، وأكرى: نقص، من الأضداد. والمعبد: المذلل، والمعبد: المكرم من الأضداد. ويقال: عز علي أن تفعل كذا أي اشتد، وعرى أي ضعف، من الأضداد. والضمد: وطب الشجر ويابسه. والضمد: صالحة الغنم وطالحتها. والنبل: الكبار، والنبل: الصغار، من الأضداد. والصَّرِيْخُ: صوت المستسرخ، والصريخ: المغيث، وهو من الأضداد. والشَّفَّ: الربح، والسف أيضا: النقصان، من الأضداد. ونصل الخضاب من اللحية: سقط منها، ونصل سهم فيه: ثبت فلم يخرج، من الأضداد. وغرض القربة ملؤها، وكذا غرض الحوض، والغرض أيضا: النقصان عن الملء، من الأضداد. وأفزعت القوم: أنزلت بهم فزعا. وأفزغتهم: إذا أنزلوا اليك فأغثتهم، من الأضداد. وفي الصحاح: الرس: الإصلاح بين الناس والإفساد أيضا، من الأضداد. زعسعس الليل: إذا أقبل بظلامه، وعسعس أدبر، وتقول: أمرست الجبل إذا أعدته إلى مجراه، وأمرسته: إذا انشبته بين البكرة والقعو، وهو من الأضداد. والأشراط: الأرذال، والأشراط: الأشراف، من الأضداد. من الأضداد. والغابر: الماضي، وهو من الأضداد. وفلان قفوتي أي خيرتي ممن أو ثره، وفلان قفوتي أي تهمتي كأنه من الأضداد. والمكلل: الجاد، يقال: حمل فكلل أي مضى قدما ولم يحجم، وقد يكون كلل بمعنى حين، يقال: حمل فما كلل أي كذب، وما حين، كأنه من الأضداد.[14]
ورأوا أن الضد منها ما كان في المفرد كالقرء، قالوا إنه للطهر والحيض معا. ومنها ما هو في الفعل، قالوا: "ظن" تكون للشك واليقين والرجحان جميعا. ومنها ما هو في التراكب، قالوا: " تهيبت الطريق" و"تهيبتني"وهذا من الأضداد ومنها ما هو في المعلقات مثل رغب عنه ورغب فيه. كما أن الأضداد تأتى من اختلاف القبائل في استخدام الألفاظ، فالفعل" وثب" عند حمير بمعنى" قعد" وعند غير حمير بمعنى" انحنى". [15]
وفي المعجم: والسَّبْح: النوم والسكون والتقلب والإنتشار في الأرض، ضد. والمسح: أنما يخلق الله الشيء مباركا أو ملعونا، ضد. ونَشَحَ نَشْحاً و نُشُوْحاً: شرب دون الرّي أو حتى امتلأ، ضد. وأسد: دهش وصار كالأسد، ضد. وأسود: ولد غلاما أسود، أو غلاما سيدا، ضد. غمدت البركة: كثر ماؤها أو قل ماؤها، ضد والمصد: شدة الحر والبرد، ضد. والمخَاوذَة: المخالفة والموافقة، ضد. ودرأته: دافعته ولاينته، ضد. والساقب: القريب والبعيد، ضد. والطَّرَبَ: الفرح والحزن، ضد. و الإِعْراَبُ: الفحش وقبيح الكلام والدرأ عن القبيح، ضد. وقَرْضَبَ: فرَّقَ وجمع، ضد. وأنجب: ولد ولدا جبانا وشجاعا، ضد. والأهلب: كثير الشعر ومن لاشعر له، ضد. والمنَّةَ: القوة والضعيف، ضد. والزَّبِيَّةُ: الحفرة والمكان الورتفع، ضد. وقسط: عدل وحاد عن الحق، ضد. المسجور: الممتلىء والفارغ، ضد. والقنيص: الصائد والصيد، ضد. ورجوت: أملت وخفت، ضد. والغريم: الدائن والمدين، ضد. والشَّرَى: رذال المال وخيارة، ضد.[16]
3.   أنواعه الأضداد:
أ.   تضاد حاد، وهو أن يقتسم مجال المعنى كلمتان ليس بينهما درجات:
ذكر ↔ أنثى               أعزب ↔ متزوج
حي ↔ ميت               رجل ↔ امرأة
صح ↔ خطأ               مسافر ↔ مقيم
ب.  تضاد متدرج: وهو التضاد الذي يكون بين طرفيه درجات:
سهل، صعب (بينهما درجات من السهولة أو الصعوبة)
بارد، حار    (بارد، فاتر، دافئ، ساخن، حار).
قريب، بعيد  (بينهما درجات من القرب والبعد).
ذكي، قوي
كبير، صغير
قوي ، ضعيف
ج.  التضاد العكسي: وهو التضاد الذي يكون بين كلمتين تدلان على معنيين متلازمين، مثل:

زوجة
زوج

     ابن
أب
أخذ
أعطى

اشترى
باع
مولود
والدة

     تعلم
علم
مهزوم
فانز

مرؤس
رئيس

د.  التضاد العمودي:
إذا كانت الكلمات المتضادة من مفردات الاتجاهات ومنها ما يقع عموديا على خط الأخرى:
فـ (شمال ، شرق) متعامدان، و(جنوب ،غرب) متعامدان، و(غرب ، شمال) متعامدان.
ومن ذلك أيضا (أمام ، يمين)، و(شمال ، خلف).

هـ. التضاد الامتدادي: وهو إذا كانت الكلمتان تقعان على خط واحد من مجموعة الاتجاهات مثل: (شمال وجنوب)، و(شرق وغرب)، (فوق ، تحت)
والتضاد العمودي والامتدادي يسميان أيضا التضاد الاتجاه
2. أسباب نشأة الأضداد
وقد حاول بعض العلماء العربية تفسير نشأة الأضداد فذهب إلى أن أصل الأضداد كأصل الألفاظ الأخرى وضعت هكذا للدلالة على الأضداد غير أن ابن سيدة في المخصص يرد هذا الرأي قائلا: " أما اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين  ألا يكون قصدا في الوضع ولا أصلا، لأن أسباب نشأة الأضداد ترجع إلى أمرين إما أن تكون من لهجات تداخلت، أو تكون كلمة تستعمل بمعنى تستعار لشيء أخر فتكثر و تغلب فتصير بمنزلة الأصل.[17]
أما اسباب نشأة الأضداد في العربية الفصحى فأهمها ما يتصل بالواضع واللهجات والإقتراض، وما يتعلق بالتطور الصوتى والصرفي. وما يصدر عن العوامل النفسية والآداب  الإجتماعية من آثار في إبراز هذه الظاهرة، إضافة إلى عوامل أخرى ترجع إلى المجاز وغيره سبل التطور الدلالي.[18]
لقد تحدث علماء اللغة المحدثون عن أسباب هذه الظاهرة ومنهم الدكتور إبراهيم أنيس والدكتور رمضان عبد التواب والدكتور أحمد مختار عمر، وهم يتفقون جميعا على عدة أسباب ووجدت الأخير قد غالب هذه الأسباب.[19] وأما أسباب نشأة الأضداد فهي على ثلاثة أقسام:
1-             أسباب التارخية
2-             أسباب داخلية
3-             أسباب خارجية


                             
أولا: الأسباب التارخية:
1-             رواسب تارخية: وينسب هذا إلى الذي يقول: إن" الأضداد من جميع النواحي هي في حديث الناس ليست إلا بقايا من طرائق التفكير عند البدائبين" عند ما كان العقل البشري سذاجته. والمأمل في هذا العامل يرجعه إلى الأسباب الإجتماعية.[20]
2-             الوضع الأول: وهو رأي بعضهم بأن أصل الأضدد كأصل الألفاظ الأخرى وضعت للدلالة على المعنيين المتضادين في الأصل. ويرد على هذا الرأي ابن سيدة قائلا: أما اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فينبغي ألا يكون قصدا في الوضع ولا أصلا.[21] لأنه لايصح وضع لفظ لمعنيين متضادين في الوقت نفسه.[22]
ثانيا: الأسباب الداخلية:
وهي تلك الأسباب النابعة    من داخل اللغة وهي ثلاثة أقسام، أسباب ترتبط بال للفظ وثالثة ترتبط بالصيغة.[23]

‌أ.                   أسباب ترتبط بمعنى: وهي:
‌أ.       الإتساع: وبهذا نلقي ضوءا كافيا لفهم ما يقوله بعض العلماء اللغة القدمى: إذا وقع الحرف على معنيين متضادين فالأصل لمعنى وحدا، ثم تداخل الإثنان على جهة الإتساع، فمن ذلك: "الصريم"، يقال لليل صريم، والنهار صريم، لأن الليل ينصرم من النهار، والنهار ينصرم، والنهار ينصرم من الليل، فأصل المعنيين من باب واحد وهو القطع، وكذلك " الصارخ: المستغيث، سميا بذلك لأن المغيث يصرخ بالإستغاثة، فأصلهما من باب واحد.[24]
‌ب.   المجاز: مثل إطلاق اسم الفاعل على المفعول وهذا الشائع في اللغات السامية، ومن ذلك قوله تعالى: (عِيْشَة رَاضِيَة) أي مرضيّة وقولهم تطليقه بائنة، والمعنى مبانة.[25]
‌ج.     عموم المعنى الأصلي: كأن يكون المعنى الأصلي للكلمة يدل على العموم،[26] ثم يتخصص هذا المعنى في لهجة من اللهجات، كما يتخصص في اتجاه مضاد في لهجة أخرى.[27]
ومن ذلك مثل كلمة " الطرب" التى تطلق على الفرح والحزن، وأصل المعنى خفة تصيب الرجل، لشدة السرور أو لشدة الجزع. وكلمة الجون تطلق عل الأبيض والأسود وهي في الأصل لمطلق اللون في العربية والعبرية والسريانية والفارسية.
‌د.  تداعى المعنى المتضادة، والتصاحب الذهني: لأن الضدية نوع من العلاقة بين المعاني، بل ربما كانت أقرب إلى الذهن من أية علاقة أخرى. فمجرد ذكر معنى من المعاني يدعو ضد هذا المعنى إلى الذهن. فعلاقة الضدية من أوضح الأشياء في تداعي المعاني، واستحضار أحد المعنيين المتضادين في الذهن يستتبع عادة استحضار الآخرى. ونرلا نفس الفكرة عند geese  يرد بعض الكلمات الأضداد إلى تصاحب المعاني المتضادة في الذهن. مثل كلمة "بين" التي تفيد الفراق، كما تفيد الوصال وفقا لحالة الشخص الذي يكون إما متفرقا وحده عن جماعته أو متصلا بجماعة أخرى، ولأن الفراق يستدعى في الذهن معنى الوصال. ومثلها كلمة " الماثل" بمعنى الحاضر التى تستدعى في الذهن معنى " الغائب".[28]
‌ه. زيادة القوة التعبيرية: إذا اراد المتحدث المبالغة في التعبير عن الشيء عبر عنه بضد معناه. يقول محمد الأنطاكي: ألا ترانا إذا أعجبنا بشخص قلنا عنه: ابن كلب- شيطان- ملعون. وغذا استحسنا شيئا قلنا عنه إنه فظيع. وقد حدثنا التاريخ أن أحد خلفاء العرب في الأندلس أحد جوارية قبيحة لشدة حسنها وجمالها.

2-           أسباب ترتبط باللفظ: وهي:
‌أ.      إختلاف الأصل الإشتقاقي: وقد ينتج الأضداد عن إختلاف الأصل الإشتقاقي لكل من المعنيين المتضادين. وذلك حين يختلف الأصل الإشتقاقي للكلمة في أحد معنييها المتضادين عن الآخر. من ذلك أن اتحاد كلمتين في صيغة من الصيغ يثير دلالة ضدية. ومثال ذلك أن اتحاد كلمتين في صيغة من الصيغ يثير دلالة ضدية. ومثال ذلك ضاع: اختفي، وظهر. وضاع في الأصل جاءت من أصلين هما: ضيع: اختفي، وظهر. وضاع في الأصل جاءت من أصلين هما: ضيع: اختفي، وضوع: ظهر، وكلاهما انقلبت فيه الياء و الواو ألفا فأصبح: ضاع فحدث اتفاق الصيغة على الرغم من اختلاف الأصل والمعنى.[29]
‌ب.      اللإبدال: وهو نوع من الطور الصوتي يلحق الكلمة خلال عصورها التاريخية. ومن أمثلة ذلك في العربية: قول بني عقيل: " لمقت الكتاب" أي كتبته، وقول سائر قيس: " لمقت الكتاب" أي محوته. هكذا يبدوا الأضداد في الفعل" لمق" غير أننا إذا عرفنا أن هناك فعلا آخر بمعنى الكتابة، هو: " نمق، عرفنا أن بني عقيل، قد تطور هذا الفعل الأخير في نطقها، فأبدلت النون لاما. والنون و اللام من الأصوات المتوسطة في العربية، تلك الأصوات التى يحدث فيها الإبدال كثيرا، وبذالك صار الفعل: " لمق" فتطابق مع نظيره بمعنى: " محا" وتولد الأضداد بين المعنيين عن هذا الطريق. وقد روي عن أعربي أنه قال عن كتاب: " لمقته بعد ما نمقته" أي محوته بعد أن سطرته.[30] ومثال ذلك أيضا: أقوى الرجل فهو مقو، إذا كان قوي الظهر، وأقوى فهو مقو، إذا ذهب زاده، ونقد ماعنده. قالت إن الأصل في مادة " قوي" هو ضد الضعف، فيقال: قوي على الأمر: طاقة، وقاواني فقويته أي غالبني فغلبته، وقاواه: أعطاه. وتقاوى القوم المتاع بينهم: تزايدو حتى يبلغوه غاية ثمنة. وأرى أن المعنى لم ينصرف إلى الضد وهو الضعف (في " أقوى" بمعنى ذهب زاده، ونفد ما عنده) إلا لما طرأ من تطور صوتى على كلمة" أخوى" التي تؤدي معنى الخلو والفراغ، وتدل على ضد " أقوى"، وذلك بإبدال الخاء قافا لتقارب المخرج فيقال: خوي المكان: فرغ وخلا، وخويت النار: خلت، وأخوى الزند: لم يور وأخوى الرجل: جاع، وأخوت النجوم: أمحلت فلم تمطر، واقوى: افتقر، وأقوت الدار: خلت من ساكنيها، وأخوى ما عند فلان: أخذ كل شيء منه، وأقوى البقعة: أخلاها.[31]
‌ج.  القلب المكاني: وقد ينشأ الأضداد عن تطور صوتي، هو القلب. ويمكن أن يمثل لذلك بكلمة " صار" بمعنى جمع وبمعنى قطع وفرق. وفي القرآن الكريم: " قال فخذ أربع من الطير فصر هن إليك" ( بمعنى اجمعهن وضمهن). وذكر أبو حاتم أن منهم من فسر اللفظ في الآية بالمعنيين حميعا أي: قطعهن واجمعهن. قال الفراء: لانعرف صار بمعنى قطع إلا أن يكون الأصل فيه" صرى"، فقدمت اللام إلى موضع العين.. كما قالوا: عاث وعثا. ومن ذلك كقولهم " تلحلها": ثم حدث قلب مكاني، فقدمت اللام وأخرت الحاء.

3-         أسباب ترتبط بالصيغة:
‌أ.         دلالة الصيغة على السلب والإيجاب: يخص بعض صيغ الأفعال مثل فعل وأفعل وتفعل التى تستعمل في غالب أمرها للإثبات والإيجاب نحو: أكرمت زيدا، وأحسنت إليه، وعلمته، وأخرته، وقدمته، وتقدمت، وتأخرت.. ولكنها تستعمل كذلك في السلب والنفي نحو: أشكيت زيدا: أزلت له ما يشكوه، وأعجمت الكتاب: أزلت استعجامه، ومرضت الرجل: داويته ليزول مرضه، وقذيت عينه: أزلت عنها القذي، وأثمت: تركت الإثم.[32]
وصيغة (تفعل) وأصلها في العربية للمطاوعة، كما في الأصل اللغات السامية الأخرى. أما معنى: السلب والإزالة، كما اكتسبته بعض أفعال الصيغة، فأغلب الظن أنه قد جاءها من القياس على الفعل:" تجنب" الذي الإبتعاد عن الشيء جاننا. ومن هذا جاءتنا أفعال على هذا الوزن، لاتعنى إلا السلب والإزالة، مثل: تحرج وتهجد بمعنى: تجنب الحرج والهجود، أي النوم، كما بقيت أفعال في العربية، تحمل المعنى الأصلي، إلى جانب هذا المعنى الجديد. ولما كان هذا المعنيان متضادين، تضاد الإيجاب والسلب، أصبحت تلك الأفعال من كلمات الأضداد.[33] ومثال ذلك قولهم: قد تأثم الرجل، إذا أتى المأثم، وتأثم إذا تجنب المأثم. وكذلك قولهم:  تحنث الرجل، إذا أتى الحنث، وقد تحنث إذا تجنب الحنث.
ويمكننا أن نفسر بعض الأفعال التى جائت من هذا النوع بمعنيين متضادين مثل: أطلبه: أحوجه إلى الطالب، أو أسعفه بما طلب، و المغلب: المغلوب كثيرا، والمحكوم له بالغلبة، وتهجت: سار ونام، و أهمد: أقام وأسرع، وفزع: أفزع، أزال الفرع.[34]
‌ب.   دلالة الصيغة على الفاعلية والمفعولية: هناك صيغة كثيرة تستعمل للفاعل أو للمفعول، فيطلق ببعض الصيغ التي جاءت بالمعنيين. ويمكن التمثيل لذلك كالآتية:
1-             صيغة" فعيل" التى تأتي بمعنى فاعل أحيانا مثل سميع وعليم وقدير، كما تأتي أيضا بمعنى مفعول مثل دهين بمعن مدهون وكحيل بمعنى مكحول وجريح بمعنى مجروح. ومن هنا قالوا بالأضداد في " الغريم" بمعنى الدائن والمدين، و" القنيص" بمعنى القانص والمقنوص.
2-             صيغة (فعول) التى تستعمل بمعنى فاعل مثل: شكور و غفور وكفور، كما تستعمل أحيانا بمعنى مفعول مثل: رسول بمعنى مرسل، وناقة سلوب بمعنى مسلوبة الولد. ومن هنا وردت إلينا بعض الأمثلة من هذه الصيغة بالمعنيين جميعا، مثل: " ذعور" بمعنى ذاعر ومذعور، و" ركوب" بمعنى الراكب والمركوب، و "زجور" بمعنى الزاجر والمزجور، و " الأكولة" بمعنى الآكلة والمأكولة.[35]
3-             صيغة "فاعل" التي تستعمل أحيانا بمعنى مفعول. ومن ثم قالوا بالضد في " خائف" بمعنى مخوف وكذلك عائذ وعارف.[36]
4-             تداخل بعض الصيغة لعوارض تصريفية مثل: مختار ومزداد ومبتاع، ومثل مرتد ومجتث.. وغير ذلك من الكلمات التي يلتبس فيها اسم الفاعل بسم المفعول.[37] وذلك لأن اسم الفاعل واسم المفعول، من لأجواف، و مضعف الثلاثي من وزن (افتعل) يئولان إلى صيغة واحدة، مثلا: اسم الفاعل من الفعل: (اختار) الأصل فيه أن يكون: (مختبر) بكسر الياء، ثم يتحول كذلك إلى: (مختار). واسم المفعول منه أصله أن يكون: (مختبر) بفتح الياء، ثم يتحول كذلك إلى: (مختار). وكذلك الحال في مضعف الثلاثي، مثلا: اسم الفاعل من (ارتد) أصله أن يكون: (مرتدد) بفتح الدال الأولى، ثم يتحول كذلك إلى: (مرتد) فتصبح الصيغة دالة على اسم الفاعل ومفعول معا.[38]

ثالثا: الأسباب الخارجية
1-             أختلاف اللهجة: ويمكن تفسير نشأة الأضداد أساس من الإختلاف اللهجة. كما قالوا: إذا وقع الحرف على معنيين متضادين فمحال أن يكون العربي أوقعة عليهما بمساوة بينهما، ولكن أحد المعنيين لحي ن العرب والآخر لحي غيره. ثم سمع بعضهم لغة بعض فأخذ هؤلاء من هؤلاء . قالوا فالجون الأبيض في لغة حي من العرب والجون الأسود في حي آخر، ثم أخذ أحد الفريقين من الآخر.[39] وكذلك مثل " السدفة" فإن تميما تطلق هذه الكلمة على الظلمة ولكن قيسا تطلقها على الضوء.[40]
2-             الإقتراض من اللغة المجاورة: مثل " جلل" فإن جيسى (Giese) يرى أن العربية قد أخذته من اللغة العربية، وهي فيها بمعنى دخرج. وإذكان الشيء المدحرج ثقيلا أحيانا وخفيفا أحيانا، فقد اعتمدت العربية على هذين الإحاءين المتضادين وللكلمة الواحدة، وأعطتها معنيين متضادين هما عظيم وحقير. ويقرب من قول حيسى ما ذكره رجي كمال من أن للكلمة في العربية معنيين متضادين هما: الكلة الصغيرة، والحجر الكبير الثقيل.[41]ومن ذلك اقتراض العربية لمعنى كلمة" بسل" من العبرية والآرامية، وتدل فيهما على غير الصالح أو غير الجائز. وبذلك غدت تدل على الحلال – كما هي في العربية- والحرام بعد الإقتراض.
3-             أسباب اجتماعية:
‌أ.     التفاؤل: مثل " المفازة" فإن معناها في العربية المنجاة والمهلكة. واشتقاق الكلمة من " الفوز". و " السليم" يطلق في العربية على الصحيح وعلى اللديع، واشتقاقه من السلامة. والناهل تطلق على الريان وعلى عطشان، واشتقاق النهل من ورود الماء والشرب. و" المفرح" معناه في العربية المسرور والحزين المثقل بالدين، واشتقاقه من الفرح بمعنى السرور. فكل ذلك يؤكد أصالة المعنى الأول، أما إطلاقها على المعنى الثانى فهو على سبيل التفاؤل.[42] ومن ذلك إطلاق كلمة" القافلة" على الرفقة المسافرة أي الذاهبة، مع أن الأصل هو إطلاقها على الراجعة من السفر، لأنها من قفل: رجع. وقد ذكر الأزهري أن العرب تسمى الناهضين في ابتداء الأسفار قافلة تفائلا بأن ييسر الله اها القفول، وهو شائع في كلام فصحائهم، وزاد آخرون بأن سنة من سنن العرب في كلامها.
‌ب.    التشاؤم: مثل تسمية الأسواد أبيض تشاؤما من النطق بلفظ الأسود. والعرب تكنى الأسود بأبي البيضاء لهذا، ويطلقون في بعض البلاد العربية على " الفحم" البياض.[43]
‌ج.      التهكم: مثل كلمة" التعزير" فأصل معناها في العربية التعظيم، ومن ذلك قوله تعالى: (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) وقد استعملت بمعنى الـتأديب والتعنيف واللوم، تهكما بالمذنب واستهزاءبه.[44] ومن أمثلت التهكم باستعمال الضد قوله تعالى: ( فبشرهم بعذاب أليم). فالتبسير مختص بالخير، ولكنه ورد في سياق الشر على سبيل الإستعارة التهكمية.[45]
الخوف من الحسد: أن الخوف والحسد يدفع إلى استعمال كلمات تصف الجميل بالقبح والحسن بالبشاعة.[46]ومن أمثلة ذلك كلمة " شوهاء إذا كانت جميلة. وكذلك إطلاق كلمة " بلهاء" على المرأة الكاملة العقل مع أن البله نقصان العقل، وإطلاق كلمة" الأعور" على الحديد البصر وهو في الأصل لمن ذهبت إحدى عينية.[47]

3. موقف الباحثين من الأضداد
بما أن التضاد نوع من الاشتراك اللفظي، فقد اختلاف الباحثون بصدد وروده في اللغة العربية، اختلافهم في ورود المشترك اللفظي نفسه. وقد كان من الطبيعي أن ينكره ابن درستوية لإنكاره الإشتراك اللفظي، فأفرد كتابا لتأييد رأيه سماه (( إبطال الأضداد)). وذهب فريق إلى كثرة وروده، وأورد له شواهد كثيرة ومنهم الخليل و سيبويه وأبو عبيدة والثعالبي والسيوطي. وقد وقف بعضهم مؤلفات على حدة لسرد أمثلته، لعل من أشهرها وأنفسها كتاب الأضداد لابن الأنباري الذي أحصى فيه أكثر من أربع مئة شاهد عليه.[48]
بل إن بعض العلماء عد الأضداد نقصا في الكلام العرب وفي لغتهم، وقد ردَّ عليه ابن الأنبري في كتابه عن الأضداد قال: " كلام العرب يصحح بعضه بعضا و يرتبط أوله بآخره، ولا يعرف معنى الخطاب منه إلا باستفائه واستكمال جميع حروفه فجاز وقوع اللفظه على المعنيين دون الآخر ولا يراد بها في حال التكلم والإخبار إلا معنى واحد.[49]

4. الأضداد بين المثبتين والمنكرين
ولم تسلم هذه الظاهرة من الإختلاف حولها بين الإثبات والإنكار. فالمثبتون كثيرة، وأدلتهم وافرة. وهم يعدون الأضداد من باب الإتساع في كلام العرب. فالعرب تصرفت بالكلام لعلل منها ما نعلمه، ومنها ما ما نجهله. ولهم في كل ذلك حكمة.[50]
أما المثبتون للأضداد فهم كثر يجعلون عن الحصر. ومنهم عنى نفسه بالرد على المنكري الأضداد. ومن هؤلاء ابن الأنباري الذي يقول في كتابه (( الأضداد)) إن الكلام العرب يصحح بعضه بعضا ويرتبط أوله بآخره فجاز وقوع اللفظة على المعنيين المتضادين، لأنه يتقدمها ويأتي بعدها ما يدل على خصوصيه أحد المعنيين دون الآخر.
ومنهم ابن فارس الذي يقول: ( وأنكر ناس هذا المذهب وأن العرب تأتي باسم واحد لشيء وضده. هذا ليس بشيء. وذلك أن الذين رووا أن العرب تسمى السيف مهندأ والقرس طرفأهم الذين رووا أن العرب تسمى المتضادين باسم واحد. وقد جردنا في هذا كتابا ذكرنا فيه ما احتجوا به، وذكرنا رد ذلك ونقضه فلذلك لم نكرره.[51]
وقد انضم معظم علماء الأصول إلى جمهرة اللغويين في إثبات هذه الظاهرة. يقول السيوطي في المزهر: ( قال أهل الأصول: مفهم ما اللفظ المشترك إما أن بتباينا، بأن لايمكن اجتماعهما في الصدق على الشيء واحد كالحيض والطهر، فإنهما مدلولا القرء، ولايجوز إجتماعهما لواحد في زمان واحد أو يتواصلا). وقال الكيا في تعليقة: ( المشترك يقع على شيئين ضدين، وعلى مختلفين غير ضدين. فهما يقع على الضدين كالجون والجلل، وما يقع على مختلفين غير ضدين كالعين).[52]
أما المنكرين فهم قلة وعلى رأسهم:
1-             أحد شيوخ ابن سيدة. قال ابن سيدة في المخصص: ( وكان أحد شيوخنا ينكر الأضداد).
2-             بقلب ( 291ه) وقد كان من رأية أنه ( ليس في كلام العرب ضد، لأنه لو كان فيه ضد لكان الكلام مجالا. ولعل الجزء الذي ألفه في الأضداد إنما ألفه بقصد إبطالها).
3-             ابن درستوية (347ه) الذي ألف كتابأ في إبطال الأضداد كما ذكر السيوطي في المزهر. وأشار ابن درستوية إلى هذا الكتب في موضعين من (التصحيح) ونقل منه شيأ في تعزيز ما ذهب إليه.
4-             وانتصر الجوالبقي لهذا الرأي ونسبه للمحققين من علماء العربية، ثم عرض كثيرا من كلمات الأضداد وبين عدم التضاد فيها.[53]
قال إميل بديع يعقوب في كتابه" فقه اللغة العربية وخصائصها، أن ابن درستوية، وهو على رأس المنكرون للتضاد قد اضطر إلى الإعتراف ببعض هذه الألفاظ. فقال: وإنما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني، فلو جاز لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين، وأحدهما ضدا الآخر، لما كان ذلك إبانة بل تعمية وتغطية، ولكن قد يجئ الشيء النادر من هذا العلل.
ولم تسلم العربية من هجوم الشعوبيين عليها، بسبب ما فيها من الأضداد وظن أهل البدع والزيع والازدراء بالعرب أن ذلك كان منهم لنقصان حكمتهم، وقلة بلاغتهم، وكثرة الالتباس في محاوراتهم عند اتصال مخاتباطهم. وهم يحتجون بأن الإسم منبئُ عن المعنى الذي تحته، ودال عليه، وموضع تأويله، فإذا اعتورا للفظة الواحدة معنيان مختلفان لم يعرف المخاطب أيهما أراد المخاطب، وبطل بذلك معنى تعليق الإسم على هذا المسمى.[54]
غير أن هذا الرأي باطل لايرجع إلى حقيقة أو صواب، بل يرجع إلى حقد وظغينه على العرب في نفوس هؤلاء الشعوبيين من غير العرب، لأن مرد الأمر في مسألة الأضداد في اللغة، إلى سياق الكلام، وتعلق أوله بآخره، وإلى قرائن الخال، التى يكون فيها الناس أثناء التخاطب.[55]










الخلاصة

1-         الأضداد هو جمع من ضدز الأضداد أو التضاد هو أن يطلق اللفظ على المعنى وضده. فهو، إذا نوع من المشترك اللفظ. فكل تضاد المشترك اللفظي وليس العكس. وضده في اللغة " النظير والكفء، والجمع أضداد. وقال أبو عمرو: الضد مثل الشيء خلافة، وضاده إذا بيانه مخالفة، والمتضادان اللذان لايجتمعان كالليل والنهار.
ومن المعروف ان الأضداد كثير معنه من جهة اراء العلماء اللغويين، بعضهم يقول أن الأضداد هو يطلق اللفظ على معنى وضده، ويقول ايضا ان الأضداد نوع من العلاقة بين المعانى، ويقول ايضا أن الأضداد هو اللفظ المستعمل في معنيين متضادين، وأيضا هناك موقف الأضداد بين العلماء المثبتين والمنكرين والمضيقين والموسعين هم يقولون من ارائهم عن الأضداد، اكان بعضهم يوافقون بالأضداد او المنكرون به.
2-        أنواع تضاد: تضاد حاد، تضاد متدرج، التضاد العكسي، التضاد العمودي، التضاد الامتدادي.
3-        أما المثبتون للأضداد فهم كثر يجعلون عن الحصر. ومنهم عنى نفسه بالرد على المنكري الأضداد. ومن هؤلاء ابن الأنباري الذي يقول في كتابه (( الأضداد)) إن الكلام العرب يصحح بعضه بعضا ويرتبط أوله بآخره فجاز وقوع اللفظة على المعنيين المتضادين، لأنه يتقدمها ويأتي بعدها ما يدل على خصوصيه أحد المعنيين دون الآخر.



1-   أسباب نشأة الأضداد فهي على ثلاثة أقسام:
1-   اسباب التارخية
2-   أسباب داخلية
3-   أسباب خارجية
















المراجع
الدكتور أحمد مختار عمر. علم الدلالة. البقة الثانية. القاهرة: عالم الكتب.
          1988م.
الدكتور أحمد محمد قدور. مدخل إلى فقه اللغة العربية. الطبعة الثانية. دمشق: دار الفكر. 1999م.
إميل بديع يعقوب وميشال عاصى. المعجم المفصل في اللغة والأدب. المجلد الأول بيروت: دار العلم للملايين. 1987م.
حلمي خليل. مقدم لدراسة اللغة. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعة. 1992م.
رمضان عبد التواب. فصول في فقه العربية. الطبقة الخامسة. القاهرة: دار العلوم. 1992م.
السيوطي. المزهر. الجزء الأول. بيروت: دار الجية. دون السنة.
فريض عوض حيدر. علم الدلالة دراسة نظرية وتطبيقية. الطبقة الثانية. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية. 1999م.















[1]  إميل بديع يعقوب وميشال عاصي، المعجم المفصل في اللغة والأدب (بيروت:  دار العلم للملايين، ١٩٨٧ م ، الجلد الأول.   ص ٤٢٣
[2] الفيومي، المصباح المنير (دمشق: دار الفكر، دون سنة)، الجزء الأول. ص ٣٥
[3]  محمد محمد داود، العربية وعلم اللغة الحديث (القاهرة:  دار غريب. ٢٠٠١ م)، ص ١٩٣
[4]  فريد عوض حيدر، علم الدلالة دراسة نظرية و تطبيقية  (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية. ١٩٩٩)، الطبقة الثانية. ص ١٤٤
[5] السيوطي، المزهر (بيروت: دار الحية. دون السنة)، الجزء الأول.  ص ٣٨
[6]  احمد مختار عمر، علم الدلالة ( القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م)، الطبعة الثانية. ص ١٩١
[7]  حلمي خليل، مقدمة لدراسات اللغة (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، ١٩٩٢ م)، ص ١٧
[8]  أبي منصور الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية (القاهرة: دار الكتب، ١٩٧٢ ص ٣71-372
[9]  السيوطي، المزهر ( بيروت: دار الحية، دون السنة)، ص289-290
[10] إميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية وخصائصها (بيروت: دار الثقافة الإسلامية، ١٩٨٢ م )، ص ١81
[11] دكتور ابراهيم أنيس، فى اللهجات العربية (القاهرة: دار العلوم، ١٩٩٢ م )، الطبعة الثامنة. ص ٢٠4 -205
[12]  السيوطى، المزهر (بيروت: دار الجية. دون سنة)، الجزء الأول . ص 391-390
[13]  محمد التونجي وراجي الأسمر، المعجم المفصل في علوم اللغة (بيروت: دار الكتب العلمية)، ١٩٩٣ م)، ص 71
[14]  السيوطي، المزهر(بيروت: دار الجية، دون سنة)، ص ٣
[15]  التونجي، معجم المفصل ، ص 71
[16] معجم المحيط، معجم المنور، لسان العرب، و معجم المنجد.
[17] . حلمي خليل، مقدمة لدراسة اللغة ( الإسكندارية: دار المعرفة الإسلامية، ١٩٩٢ م)، ص  ١٨٠-1٧٩
[18]  أحمد محمد قدور، مدخل إلى فقه اللغة العربية (دمشق: دار الفكر، ١٩٩٩ م) ، ص0 ٢٩
[19]  فريد عوض حدير، علم الدلالة ( القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٩٩ م)، ص ١٥٢
[20]  نفس المرجع.، ص6 ١٥
[21]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م ) ، ص ٢٠٤
[22]  فريد عوض حيدر، علم الدلالة  (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٩٩ م ) ، ص ١٥6
[23]  نفس المرجع.، ص4 ١٥
[24]  صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة (بيروت: دار العلم للملايين، ١٩٦٠ م )، ص ٣١٢
[25]  فريد عوض حيدر، علم الدلالة ( القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٩٩ م) ، ص4 ١٥
[26]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م) ، ص ٢٠٧
[27]  حلمي خليل، مقدمة لدراسة اللغة (الإسكندارية: دار المعرفة الجامعة، ١٩٩٢ م )، ص80 ١
[28]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م)، ص.٢٠٩ - 208
[29]  أحمد مختار قدور، مدخل إلى فقه اللغة العربية (دمشق: دار الفكر، ١٩٩٩ م )، الطبعة الثانية.  ص1 ٢٩
[30] . رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية  ( القاهرة: مكتبة الخانجي، ١٩٩٧ م) ، الطبقة الخامسة. ص ٣٥1 -352
[31]  أميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية و خصائصها (بيروت: دار الثقافة الإسلامية، ١٩٨٢ م) ، ص ١٨٤.١٨٥
[32] . مختار عمر، علم الدلالة، ص ٢١٢
[33] . رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية (القاهرة: مكتبة الخانجي، ١٩٩٧ م ) ، ص ٣٥٤
[34] أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م ) ، ص212.٢١٣
[35]  رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية  ( القاهرة: مكتبة الجانجي، ١٩٩٧ م) ، ص3 ٣٥
[36]  حلمي خليل، مقدمة لدراسة اللغة، ص ١82
[37]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة ( القاهرة: عالمالكتب، ١٩٨٨ م )، ص ٢13
[38]  رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية (القاهرة: مكتبة الخانجي، ١٩٩٧م ) ، ص ٣٥٤.٣٥٥-
[39]  السيوطي، المزهر ( بيروت: دار الجية، دون السنة )، الجزء الأول. ص ٤٠١
[40]  رمضان ، فصول.، ص44 ٣
[41]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة ( القاهرة: عالم الكتب، ١٠٩٨٨ م ) ، ص05 ٢
[42] رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية  ( القاهرة: مكتبة الخانجي، ١٩٩٧ م )، ص ٣٤7-٣٤٨
[43]  أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب، ١٩٨٨ م )، ص ٢٠5
[44]  فريد عوض حيدر، علم الدلالة (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٩٩ م )، ص ١٥3
[45]  أحمد محمد قدور، مدخل إلى فقه اللغة العربية (دمشق: دار الفكر، ١٩٩٩ م)، الطبعة الثانية. ص ٢٩٢
[46]  أحمد محمد قدور، مدخل إلى فقه اللغة الغربية (دمشق: دار الفكر، ١٩٩٩ م) ، الطبعة الثانية. ص92 ٢
[47]  رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية  (القاهرة: مكتبة الخانجي، ١٩٩٧ م )، ص ٣٥1-35٠
[48]  إميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية وخصائصها (بيروت: دار الثقافة الإسلامية، ١٩٨٢ م )، ص ١٨١-١٨٢
[49] حلمي خليل، مقدمة لدراسة اللغة (الإسكندارية: ( دار المعرفة الجامعة، ١٩٩٢ م)، ص 8 ١٧
[50] أحمد محمد قدور، مدخل إلى فقه اللغة العربية (دمشق: دار الفكر، ١٩٩٩ م )، الطبعة الثانية.  ص 8 ٢٨
[51] أحمد مختار عمر، علم الدلالة (القاهرة: عالم الكتب. ١٩٨٨ م)، الطبقة الثانية.  ص ١٩٥
[52] نفس المرجع .، ص ١٩٥-.١٩٦
[53] نفس المرجع.، ص ١٩
[54]  السيوطي، المزهر (بيروت: دار الجية. دون السنة )، الحزء الأول.  ص7 ٩
[55] رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية (القاهرة:  مكتبة الخانجي. ١٩٩٧ م ) ، الطبقة الخامسة.  ص ٣39

1 komentar: